كتابات حرة

البهاليل

لكل زمان بهاليله ….ففي قرية صغيرة بمحافظة بني سويف
عشت موقفا لن أنساه، اكد لي ان الاقتياد بالسيطرة على عقول بزراعة الافكار شيء يقارب العبودية ،،
ذهبت مع قريبة لي لضريح يقال انه لرجل صالح ورقاه أصحاب المصالح المستفيدين إلى ولي
ليستجلبوا البسطاء لجذب أموالهم من النذور والهبات لمولانا الولي،،
درجنا في الحارات الضيقة حتى وصلنا المقام المعظم
عبارة عن بيت صغير من الطين وداخله مقام من الطين مغطى بثوب أخضر مطرز بخيوط ذهبية باسم صاحب المقام
وحوله النساء تدور وتصرخ وتتمسح ….
ويقف في الخارج نساء هن الحارسات للمقام لأي خروج عن البهلله فيتم إيقافه في الحـال
توجهت انا وقريبتي للداخل ورأيت ما لم افهمه ،،،
وتساءلت لماذا يلغي الناس عقولهم ،،
ويتحولون لمجموعة من البهاليل، لفكرة ما أو شخص او كيان
ويصبح هو موضوع الاهتمام ومحور الكون وتدور في فلكه كل العقول وعنده تبدأ الحياة وعنده تنتهي ايضا، ،
كيف يتحول مجموعه من البشر العقلاء الى بهاليل ! مجرد بهاليل !!
مجرد اتباع يتم تحريكها كعرائس الماريونيت دون اراده او مقاومة تذكر
و كيف يتم تدريبهم ع البهلله وفرم عقولهم و إيقاف عملية التفكير وسحب كل المقاومة العقلية
ووضعهم تحت الأمر ليكونوا مجرد جنود صماء عمياء ،،
مجرد اجساد تحركها أيادي او افكار من يسيطر
ع عقولهم في الإتجاه الذي يريده فقط
فتجده يفرغ الفكرة فتكون بمثابة النص المقدس
يلقي الأمر فيكون بمثابة السيف على الرقاب
ماهي القوة ومن أين تستمد هذه القوة للسيطرة !!
ونجد ذلك المسيطر في نشوة عارمة أن بهاليله قائمين ساجدين
لفكره الذي قد يكون فكر اعوج …او أوامره التي قد تكون مخالفة لما قد يعتقدونه بالاساس
وأما عن وجهة نظر البهاليل أن ذلك القائد…بمثابة الملهم الاوحد الذي لا يرتكب الاخطاء .او لهذه الفكره التي تسيطر حقا وتصبح كوقود ينهلون منه عبق البهلله والتي لا مثيل لها….
وانهم سعداء لتبني هذه الفكرة أو انتماؤهم لهذا الملهم وأنه تقبل أن يكونوا أتباعا وبهاليلاً له
دون أدنى مقاومة له ، ودون ارادة ورغبة في الخروج عن النص او اي محاولة لتغيير الفكرة واي اقتراب او تغيير سيكون مجرد تلويث لشيء مقدس لديهم ،، وضرب من ضروب العبث
ونصل هنا ان عالمنا وحياتنا مليئة بالأمثلة من هؤلاء البهاليل في كل المجالات وفي كل الأماكن وأن لكل منا مقام يدور في فلكه مهما اختلف نوع هذا المقام فكلنا اسرى والحر الحقيقي هو من استطاع ان يحرر نفسه وتنازل عن لقب بهلول …

ياسمين جويلي

كاتبه حرة وعاشقه للتاريخ المصري القديم
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى