العلم والمعرفةالفضاء والفلك

لماذا لا نرى أبدًا الجانب البعيد من القمر؟

لقد سمعنا جميعًا مصطلح “الجانب المظلم من القمر” كوصف للجانب البعيد من سطح القمر الخاص بكوكبنا. وهي في الواقع فكرة خاطئة تمامًا بناءً على فكرة خاطئة مفادها أنه إذا لم نتمكن من رؤية الجانب الآخر من القمر، فيجب أن يكون مظلمًا.

الجانب البعيد أو المظلم من القمر هو نصف الكرة الآخر من القمر الذي لا يمكننا رؤيته من الأرض. وقد اُلتقطت أول صورة له عام 1959 بواسطة المسبار السوفيتي Luna 3. وكانت أول رؤية مباشرة له بالعين البشرية كانت بواسطة رواد أبولو 8 عندما داروا حول القمر في 1968.

ويتميز الجانب المظلم بالتضاريس الوعرة والعديد من الفوهات الصدمية وعدد قليل نسبيا من بحار القمر. كما يوجد به ثاني أكبر فوهة صدمية معروفة في النظام الشمسي.

ولكن إذا كان القمر يدور، فلماذا لا نرى كلا جانبي القمر؟

بالرغم من دوران القمر، فإنه يحافظ دائمًا على نفس الوجه مواجهًا للأرض. وهذا بسبب حقيقتين مهمتين:

  • يدور القمر على محوره الخاص، ويستغرق حوالي 28 يومًا لإجراء دورة كاملة واحدة.
  • يدور القمر حول الأرض ويستغرق حوالي 28 يومًا لعمل مدار واحد كامل. وهذا يعني أن الوقت للدوران حول الأرض ووقت الدوران حول محورها متماثلان. لذا عند النظر من الأرض، سوف يظهر القمر دائمًا نفس الجانب.

وقد قال جون كيلر، نائب عالم مشروع المركبة المدارية الاستطلاعية القمرية التابع لناسا، إننا لا نرى الجانب البعيد لأن “القمر محبوس تدريجيًا على الأرض”. فالقمر يدور بالفعل، لكنه يدور بنفس السرعة التي يدور بها حول الأرض.

والسبب في أننا دائمًا ما نرى نفس الجانب للقمر، هو أن الوقت الذي يستغرقه القمر لإكمال دورة كاملة حول محوره هو نفس الوقت الذي يستغرقه للدوران حول الأرض. أما إذا كان القمر لا يدور حول نفسه أو يستغرق وقت بمعدل مختلف، فسوف يظهر سطح القمر بالكامل تدريجيًا: الجانب المرئي والجانب المخفي.

عندما تشكل القمر في البداية، كان يدور بعمدل أسرع حول محوره مما هو عليه الآن، كما أنه كان أقرب بكثير أيضًا. ومع مرور الوقت، شهد القمر قوى المد والجزر التي تسببها جاذبية الأرض. وارتفعت القشرة القمرية وانخفضت مع ارتفاع المد أو انخفاضه، مما أدى إلى حدوث احتكاك أدى إلى إبطاء سرعة دوران القمر تدريجيًا حتى تزامنت فترة دورانه حول محوره مع الفترة المدارية. وتُعرف هذه العملية باسم اقتران المد والجزر.

إقرأ أيضًا:

سطح القمر

الاختلاف بين الجانبين

يختلف جانبي القمر، فالجانب البعيد لا يشبه أي شيء بالجانب القريب.

يعتقد العلماء أن القمر كان منصهرًا، أو سائلًا ساخنًا عندما تشكل لأول مرة، وبعد ذلك برد، وأن الجانب المظلم برد أولاً، مما جعله أقدم مع احتواءه على المزيد من الحفر. أما الجانب القريب يحتوي على إشعاع أكثر من الجانب البعيد، وربما ساهم ذلك في عدم تبريد الجانب القريب بالسرعة نفسها.

ويتميز الجانب القريب من سطح القمر بوجود عدد كبير من البحار القمرية حوالي 31.2% من سطح الجانب القريب مغطى بالبحار القمرية. أما الجانب البعيد فقد تعرض للعديد من الاصطدامات بدلالة وجود عدد كبير من الفوهات الصدمية في حين أن عدد البحار القمرية قليل، ففقط 2.5% من سطح الجانب البعيد مغطى بالبحار القمرية.

يطلق العديد من الأشخاص على الجانب البعيد الجانب المظلم ولكن هذه التسمية خطأ، والجانب المظلم ليس أغمق من الجانب القريب فهو يحصل على الكثير من ضوء الشمس. والقمر يدور بأكمله حوالى مرة واحدة في الشهر وهذا يعنى أن حتى جانب القمر المواجه الأرض، سيكون لديه أسبوعان من ضوء النهار وأسبوعان من الليل. لذلك من الأفضل تسميته “الجانب البعيد” من القمر.

المصدر

Mai Hesham

ماجستير في الكيمياء غير العضوية، ودبلوم التغذية العلاجية، مهتمة بالفلك والفضاء.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى