إسلامثقافة إسلامية

الأشهر الحُرم (ما هي، وما سبب تسميتها، والأحكام المتعلقة بها)

الأشهر الحرم هي أربعة أشهر في التقويم الهجري –مُحرّم ورجب وذو القعدة وذو الحجة-.

حرّم الله ابتداء القتال فيها ولذلك سُميت حُرُماً.
وشهر محرم هو شهر 1 في التقويم الهجري.
وشهر رجب هو هو شهر 7 في التقويم الهجري.
وشهر ذو القعدة هو شهر 11 في التقويم الهجري.
وشهر ذو الحجة هو شهر 12 في التقويم الهجري.

الأشهر الحرم في التاريخ

لم تُعرف الأشهر الحُرم بعد ظهور الإسلام فقط.

بل كانت عادات العرب في الجاهلية قبل الإسلام أن يتوقفوا عن القتال في هذه الشهور، إلا في حالة الدفاع عن النفس.
ثم جاء القرآن مُصدقاً لهذه الأشهر الحُرم.
بل وأخد العرب هذه العادة عن نبينا إبراهيم عليه السلام، منذ أكثر من أربعة آلاف سنة.
وكان السبب الرئيسي لتحريم العرب القتال في تلك الأشهر هو ضمان سير الحجاج وقوافل التجارة من أنحاء شبه الجزيرة إلى مكة بأمان.
حيث كان الحجاج يذهبون إلى مكة، وكذلك التجار كانوا يذهبون لأسواق قربها مثل عكاظ وذي المجاز.

الأشهر الحُرم في القرآن

ذكر الله الاشهر الحرم في القران في عدة مواضع.

وقد ذكر عدد الشهور كلها وعدد الاشهر الحرم في سورة التوبة، وكذلك ذكرها في سورة المائدة دون الإخبار عن أسمائهم.
قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة:36].
وأمّا عن الآية (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)، فيقول ابن كثير رحمه الله في تفسيرها: أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها من الأشهر.
وقال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) [المائدة: 2].
ولقوله تعالى: ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) [التوبة: 5].

الأشهر الحُرم في الحديث النبوي

أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أسماء الاشهر الحرم الاربعة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان”.
ومعنى قوله “رجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان”: للتوكيد على أن شهر رجب المقصود في الحديث هو الشهر الذي كانت تُحرم فيه قبيلة مُضر ويسمونه رجب، وهو بين جمادي الثاني وشعبان، لأن قبيلة ربيعة كانت تحرم في رمضان ويسمونه رجب أيضاً، وهو ليس الشهر المقصود في الحديث.
ومن الحديث نستنتج أن الأشهر الحرم بالترتيب هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، على التوالي، فهن ثلاث متواليات وواحدة مفردة.

الأشهر الحرم في الأثر

ذُكرت الأشهر الحرم في العديد من كتب التفسير والعقيدة، نظراً لأهميتها.

  • قال القرطبي رحمه الله عن الذنوب والطاعات الأشهر الحرم: لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) [الأحزاب:30].
  • وقال: خص الله تعالى الأربعة أشهر الحرم بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تشريفًا لها، وإن كان منهيًا عنه في كل الزمان، كما قال تعالى: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197].
  • وقال قتاده عن تغليظ عقوبة الظلم في هذه الأشهر: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء.
  • وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلًا، ومن الناس رسلًا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظِّموا ما عظَّم الله، فإنما تعظيم الأمور بما عظَّمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل.

فضائل الأشهر الحرم

  • أول الفضائل أن ذي الحجة هو شهر الحج.
  • والعُمَرات الأربع التي اعتمرهن النبي صلى الله عليه وسلم الأربع كُن في الأشهر الحرم.
  • وفيها عشر ذي الحجة التي أقسم الله بها في كتابه في قوله تعالى: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ).

 وقال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ”، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: “وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”.

  • وفيهم يوم عرفة ويوم النحر ويوم القر وأيام التشريق وعيد الأضحى.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَعَالى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ”.

  • وفيها شهر محرم الذي يستحب الصيام فيه، وخصوصاً يوم عاشوراء الذي أنجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وقومه، وصيامه يكفر ذنوب السنة الماضية.

قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ”.

الأحكام المتعلقة بالأشهر الحرم

  • تُغلظ العقوبة في الأشهر الحرم.
  • وتُغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وعند غالبية أهل العلم، كما تُغلظ العقوبة في حق من قتل في الحرم أو قتل مُحرِماً.
  • ومن خصائص هذه الأشهر أن الذنوب فيها أعظم من غيرها، فكما أن الذنوب تُضاعف في البلد الحرام، فالذنوب أيضاً تُضاعف في الأشهر الحرام، يقول تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج: 25].
  • ويحرم في هذه الأشهر ابتداء القتال، يقول تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) [المائدة: 2]، ويقول: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة: 5].
  • وقال بعض أهل العلم: وتحريم ابتداء القتال فيها نسخ، ولكن الراجح أنه محرم إلا أن يبدأنا الكفار.
  • وأما الصيد فلا يحرم في الأشهر الحُرُم مالم تكن محرماً أو في مكة أو المدينة.

الحكمة من تحريم القتال في الأشهر الحرم

السبب الرئيسي هو الحج والعمرة، فيحرم القتال قبل أشهر الحج شهراً وهو ذو القعدة، لأنهم يقعدون فيه عن القتال.

وأما شهر ذو الحجة فمخصص للقيام بمناسك الحج.

وشهر محرم يقوم الجميع بالعودة من الحج إلى بلادهم آمنين.

وشهر رجب في منتصف العام الهجري لأن المعتمرين كانوا يأتون إلى مكة من أقصى الجزيرة العربية لتأدية العمرة.

وبذلك نكون انتهينا من سرد كل ما يتعلق بالأشهر الحرم، شاركنا في التعليقات.

هل كانت تلك معلومات جديدة بالنسبة لك؟

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى