العلم والمعرفةاللسانيات والعلوم البينية

الأنثروبولوجيا الطبيعية والبحث في تاريخ الإنسان

الأنثروبولوجيا العضوية أو الطبيعية هي العلم الذي يبحث في شكل الإنسان، من حيث سماتُه العضويةُ، والتغيرات التي تطرأ عليه بفعل المورّثات (الجينات) Genes. يبحث هذا الفرع من الأنثروبولوجيا- كذلك- في تطوّر (السلالات الإنسانية) phylogenic، من حيث أنواعُها وخصائصُها، بمعزل عن الثقافة التي تنتمي إليها كل سلالة منها. وبذلك فإنّ هذا العلم يُركّز على دراسة الإنسان الفرد بوصفه نتاجًا لعملية عضوية، ثم دراسة التجمعات الإنسانية/السّكّانية وتحليل خصائصها المختلفة.

أهم مجالات البحث في الأنثروبولوجيا الطبيعية (العضوية)

  • المجال الأول- إعادة بناء (التاريخ التطوّري للنوع الإنساني)، وتفسير التغيّرات التي كانت السبب في انحراف هذا النوع عن السلسلة التي كان يشترك بها مع صِنف الرئيسيات Primates.
  • المجال الثاني- تفسير التغيّرات البيولوجية ووصفها عند الأحياء من جنس الإنسان. وهنا تمتد الأبحاث لتشمل العلاقة بين التركيب البيولوجي من جهة، والثقافة والسلوك من جهة أخرى.
  • المجال الثالث- يختص بالبحث في الرئيسيات Primates، من حيث علاقاتُها مع بيئاتها، وتطوّرها، وسلوكها الاجتماعي.

ولأجل إعادة بناء (التاريخ التطوّري للنوع الإنساني)، يقوم علماء الأنثروبولوجيا الطبيعية بالبحث فيما يُعرف بـــ (علم الإحاثة) Paleontology، وهو العلم الذي يدرس الأحفوريات أو المُتحجّرات Fossils؛ حيث يكون مجال الدراسة هو البحث العلمي لحياة ما قبل التاريخ، من أجل التحقق من تطور عُضَيّات organisms معينة وتفاعلها مع بعضها ومع البيئة التي كانت تعيش فيها.

الموضوع الرئيسي- إذن- في الأنثروبولوجيا الطبيعية (العضوية) هو الاختلاف البيولوجي الطارئ على الكائن الإنساني في الزمان والمكان. ويُرجِع العلماء سبب هذا الاختلاف إلى اتحاد المقوّمات الوراثية مع البيئة؛ فهناك تأثيرات بيئية لها صلة مباشرة بهذا الأمر (مثل الحرارة والبرودة وأشعة الشمس والرطوبة والأمراض … إلخ).

* وفي هذا السياق، يمكننا حصر خمسة أنواع من هذه التأثيرات:

  1. نشوء كائن شبيه بالإنسان، كما تدّعي ذلك الكشوفات والتقارير المختلفة، التي بزغت من دراسات أحافير البحث في الأنثروبولوجيا القديمة.
  2. التركيب الوراثي للإنسان.
  3. نموّ الإنسان وتطوّره.
  4. الطواعية البيولوجية للإنسان، من حيث قدرةُ جِسمه على التكيف مع مختلف الظروف، من حرارة وبرودة ورطوبة .. إلخ.
  5. التركيب البيولوجي- عمومًا- وما يرتبط به من عمليات النشوء والسلوك والحياة الاجتماعية عند بعض السَّعادين والقِردة الأخرىمن فصيلة الرئيسيات.

ويرى العلماء الألمان أنّ “يوهان بلومينياخ” هو المؤسس الأول للأنثروبولوجيا الطبيعية؛ حيث كان رائدًا في دراسة الجماجم البشرية، كما قام بتقسيم الجنس البشري إلى خمسة أقسام (أو سلالات): القوقازي، والمغولي، والأثيوبي، والأمريكي، والملاوي.

* ملاحظات

الإحاثة من (أحاث) الأرض، إذا أثارها طلبًا لما في باطنها، واستحاث الشيء؛ أي حرّكه واستخرجه.

– القِردة Apes (مثل الغوريللا، والشيمبانزي، والأورانجوتان “إنسان الغابة”وتشبه البشر بشكل كبير. أما السعادين Monkeys فهي فصيلة مختلفة؛ فالسعدان يشبه الثدييات الأخرى أكثر من شبهه بالقردة والبشر، من حيث السلوك، والتركيب العظمي … إلخ.

علم قياس الجماجم البشرية (وغيرها) Craniometry هو فرعٌ من فروع علم القياسات الأنثروبولوجية البشرية عمومًا Anthropometry.

اقرأ أيضًا:

المراجع والإحالات

– سليم شاكر: قاموس الأنثروبولوجيا، منشورات جامعة الكويت، 1981.

-عيسى الشماس: مدخل إلى علم الإنسان (الأنثروبولوجيا)، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، طــ 1، 2004.

– Kottak, Phillip. (1994): Anthropology; The Exploration of Human Diversity, Mc Grow. Hill INC, New York.

– Laporte, L.F. (1988): “What, after All, is Paleontology?”. PALAIOS3 (5): 453.

د. عبد الرحمن طعمة

أستاذ اللسانيات والدراسات الثقافية المقارنة، كلية الآداب، جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى