أخبار

شرح قصيدة فجر السلام

الشاعر بدر شاكر السياب

بدر شاكر السياب شاعر عراقيّ، وُلدَ السياب في الخامس والعشرين من ديسمبر من عام 1926م، وهو أحد شعراء الوطن العربيّ في القرن الماضي، وقد أسهم السياب إسهامًا كبيرًا في ترسيخ الشعر الحرّ أو شعر التفعيلة، وهو من مدينة جيكور في جنوب العراق، وقد اشتهرت للسياب قصائد وكانت نصوصه محطّ اهتمام كثير من النقاد العرب في فترة حياته وما بعدها، وقد عكس السياب طبيعة بلاده فخرج من ريفها وبساطته وعاد إليه شعرًا وكلمات، ولم يعش السياب طويلًا، فقد توفي وهو في الثامنة والثلاثين من عمره في الكويت عام 1964 م، وهذا المقال سيتناول شرح قصيدة فجر السلام للسياب إضافة إلى الحديث عن أسلوبه الشعريّ وبعض قصائده.

شرح قصيدة فجر السلام

بعد التعريف بالشاعر بدر شاكر السياب سيتم المرور على مقطع من قصيدة فجر السلام التي كتبها السياب وسيتم شرحه وتحليله، ويقول السياب في قصيدة فجر السلام:

لا شهوة الموت في أعراق جزَّارِ            تقوى عليها ولا سيل من النَّارِ

الموت أزهى سدًا من أن يشابكها         وهي التي مدَّتِ الموتى بأعمارِ

يتحدّث السياب في مطلع قصيدة فجر السلام عن بلده التي لا تهزمها شهوة الموت التي تنبض في عروق القتلة، وهي التي لا يستطيع ردعها والوقوف في وجه مبادئها سيل كامل من نار، ثمَّ يقول: إنَّ الموت أكبر من أن يتجرَّأ على الاقتراب منها وهي البلاد التي وزَّعتِ الحياة والأعمار على الموتى وأحيت رفاتهم من جديد.

وهي التي لمَّتِ الأحقابَ واعتصرَتْ            مما انطوى في دجاها فيضَ أنوارِ

هذي اليد السَّمحة البيضاءُ كمْ مسحتْ      جرحًا وكم أزهرتْ أنفاس جبَّارِ

وأطلقت في الدجى الأعمى حمامَتَها        بيضاءَ كالمشعلِ الوهَّاجِ في غَارِ

وهي البلاد التي جمَّعت كلَّ أحقاب التاريخ وعصوره العظيمة واستخلصت منها جميعها شعلة من نور أضاءت فيها دجى الحاضر وظلامه.

هي اليد البيضاء التي من صفاتها السماحة والبذل، مسحت جروح الناس فأبرأتها وزرعت الورد في أنفاس كلِّ جبَّارٍ عنيد، وطيَّرت حمامة السلام البيضاء في الليل البهيم كأنَّها شعلة في غار مظلم.

ليل العبودية النكراء صدعَهُ            مهوى طواغيت واستبسالُ ثوَّارِ

حتَّى إذا شمَّر الباغِي ليرأبَهُ         شقا بأنْ يصهر الأجسادَ بالنَّارِ

هبَّتْ أعاصيرُ تذرُوا ما تؤجِّجُهُ         في وجهه الرَّاعبِ النَّضَّاح للعارِ

واستيقَظَ الشَّرقُ عملاقًا تموجُ على          عينيه دنيا من الأحقادِ والثارِ

يرمي ويرمِي ويسْعَى نحو غايتِهِ              في لجَّةٍ من دُجًى غضْبَى وأنْوارِ

يقول السياب في المقطع الأخير من قصيدة فجر الإسلام إنَّ ليل العبودية الذي يعيشه العالم العربي بدأ يتصدَّع ويتهاوى شيئًا فشيئًا وإنَّما تهاويه وتصدُّعُهُ جاء بسبب استبسال الثوَّار المناهضين للعبودية الرافضين لسياسة الخنوع، وقام العالم العربي في وجه الطواغيت والباغين يصهر أجسادهم بالنار، وقامت الأعاصير تدمر كلَّ طغاة الأرض ووجوههم التي لا تنضح إلَّا ذلًّا وعارًا، وقام الشرق ليثأر بعينين تضجان بالحقد وتشتعلان بالثأر، يرمي كلَّ طاغية وباغٍ عليه.

قصائد بدر شاكر السياب

يعدُّ الشاعر بدر شاكر السياب من الشعراء العرب الحداثيين، روَّاد الشعر الحر، فقد قدَّم السياب نموذجًا حيًّا للشاعر الذي يؤمن بنهجه وطريقته فكان شعره حداثيًا في شكله، يحمل جيكور بأنهارها ولياليها وسهراتها في مضمونه، ويحمل العراق في قلبه وروحه ويعكس براعة شاعر كبير، غيَّبه الموت وحرَم الأدب العربي كلَّه من إبداعاته التي كان سيثري بها الأدب لو منحت الحياة عمرًا أطول، وهذه مقاطع من شعر السياب تعكس صورة هذا الشاعر العظيم.

  • يقول السياب في قصيدته “أنشودة المطر“:

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السَّحر

أو شُرفتانِ راح ينأى عنهما القمر

عيناكِ حين تبسِمانِ تورِقُ الكُرومْ

وترقصُ الأضواء كالأقمارِ في نهرْ

يرجُّه المجداف وهنًا ساعة السَّحرْ

كأنما تنبضُ في غوريهما النّجومْ

أنشودة المطرْ

مطرْ .. مطرْ .. مطرْ

  • ويقول السياب في قصيدته “المسيح بعد الصلب”:

بعدما أنزلوني، سمعتُ الرياحْ

في نواحٍ طويلٍ تسفُّ النحيلْ

و الخطى وهي تنأى، إذنْ فالجراحْ

و الصليب الذي سمَّروني عليه طوال الأصيلْ

لم تمتني، وأنصتُّ: كانَ العويلْ

يعبر السهل بيني و بين المدينةْ

مثل حبل يشدُّ السفينةْ

وهي تهوي إلى القاع، كانَ النُّواحْ

مثل خيط من النور بين الصَّباحْ

و الدُّجى، في سماء الشتاء الحزينةْ

ثم تغفو، على ما تحسُّ، المدينةْ.

  • ويقول بدر شاكر السياب في قصيدته “أقداح وأحلام”:

أنا لا أزال وفي يدي قَدَحِي         يا ليلُ أينَ تفرَّقَ الشُّرْبُ؟

ما زلتُ أشربها و أشربُها            حتَّى ترنح أفقكَ الرَّحْبُ

الشرق عُفِّرَ بالضبابِ فمَا            يبدو، فأين سناكُ يا غَرْبُ؟

ما للنُّجوم غرقْنَ من سَأَمٍ          في ضوئهنِّ  وكادتِ الشُهْبُ؟

أنا لا أزال وفي يدي قَدَحِي        يا ليلُ أينَ تفرَّقَ الشُّرْبُ؟

  • ويقول السياب في قصيدته “سوف أمضي”:

سوف أمضي أسمع الريح تناديني بعيدًا

في ظلام الغابة اللفّاء، والدّرب الطويلْ

يتمطي ضجرًا، والذئب يعوي، والأفولْ

يسرق النجم كما تسرقُ روحي مقلتاكْ

فاتركيني أقطع الليل وحيدًا

سوف أمضي فهي ما زالت هناكْ

في انتظاري.

المراجع

1. بدر شاكر السياب، “www.marefa.org”، اطُّلِع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرّف
2. فجر السلام، “www.adab.com”، اطُّلِع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرّف
3. أنشودة المطر، “www.aldiwan.net”، اطُّلِع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرّف
4. المسيح بعد الصلب، “www.aldiwan.net”، اطُّلِع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرّف
5. أقداح وأحلام، “www.adab.com”، اطُّلِع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرّف
6. سوف أمضي، “www.adab.com”، اطُّلِع عليه بتاريخ 02-02-2019، بتصرّف

Muhamed Radwan

Senior server admin, Web developer

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى