العلم والمعرفةالفضاء والفلك

التلوث الضوئي وتأثيره على سماء الليل ومراقبة النجوم

تشتهر المدن بوجود ضوء مفرط بها، مثل: الإضاءة الخارجية والداخلية في المنازل، الإعلانات في الشوارع ، إضاءة الشوارع، ومواقف السيارات، المولات وغيرها. وبالنسبة لغير مراقبي النجوم، سيجدون هذا الإفراط في الإضاءة أو التلوث الضوئي مفهومًا جديدًا ولا يعد مشكلة. ولكن الإضاءة المفرط بها تعد الأسوأ بالنسبة لمحبي الفلك بسبب تأثيرها على وجود سماء مظلمة مليئة بالنجوم.

التلوث الضوئي هو عبارة عن إضاءة صناعية خارجية زائدة ومتداخلة بشكل خاطئ في بيئة ليلية، ويسطع الضوء في كل الاتجاهات بدلًا من إضاءة المنطقة المقصودة. والكثير من التلوث الضوئي يغسل سماء الليل، ويتداخل مع الأبحاث الفلكية، ويعطل النظم البيئية، ويهدر الطاقة، كما أن له آثار صحية ضارة.

أنواع التلوث الضوئي

توجد عدة أنواع مختلفة من التلوث الضوئي، منها:

  • الوهج: وهو انعكاس الضوء عن سطح يجعل من الصعب رؤيته.
  • الوهج السماوي: الضوء الذي يسطع في الغلاف الجوي مكونًا هالة صفراء.
  • الخفيف: نور يسطع خارج المنطقة المقصودة أو لا يحتاج إليها.
  • الفوضى: التجمعات الساطعة والمفرطة لمصادر الضوء.
  • الإفراط في الإضاءة: استخدام الضوء الزائد أو المفرط.

تأثير التلوث الضوئي

على سماء الليل والنجوم

وفقًا لجمعية السماء المظلمة الدولية، قبل 100 عام، كان بإمكان الجميع النظر إلى سماء الليل ورؤية الألاف من النجوم. أما للأسف يوجد ملايين الأشخاص الذين يعيشون في المدن الحضرية الذين لم يروا مجرة درب التبانة أبدًا بسبب وجود العديد من أعمدة الإنارة والتي تؤثر على النجوم. على سبيل المثال، في 14 أغسطس 2003، عندما حدث انقطاع للتيار الكهربي في جميع أنحاء أونتاريو وشرق الولايات المتحدة لبضعة أيام، ظهرت السماء وهي مرصعة بألاف النجوم والعديد من الأشخاص تمكنوا من رؤية مجرة درب التبانة لأول مرة على الإطلاق، وذُهل العديد منهم من مظهر السماء الرائع.

حيث يؤثر التلوث الضوئي على السماء ويجعل من الصعب رؤية الأشياء الصغيرة، مثل: النجوم أو الأبراج الفلكية أو المجرات أو السدم.

على التصوير الفلكي

يمكنك رؤية الأجسام الكبيرة وتصويرها، مثل: الكواكب والأبراج البارزة من المدينة، بينما تحتاج الاجسام الصغيرة والبعيدة إلى سماء مظلمة كليًا لتتمكن من رؤيتها.

التصوير الفلكي في منطقة ملوثة بالضوء له تحدياته كبيرة. فغالبًا ما ستحتاج إلى مرشح التلوث الضوئي لتصوير السماء الباهتة، حيث تعمل المرشحات على تجاهل ممرات الموجات المرئية المرتبطة بالضوء الاصطناعي.

ويفضل العديد من المصورين التصوير بدون مرشح. في هذا السيناريو ستواجه العديد من التحديات، مثل معالجة الصورة لكشف كائن السماء العميقة من سماء ساطعة.

التلوث الضوئي

آثار التلوث الضوئي

يؤثر التلوث الضوئي على سماء الليل والتصوير الفلكي، كما يؤثر على علماء الفلك  والمصورين الفلكيين. وغير هذه التأثيرات فإنه يسبب العديد من الأمراض للإنسان.

صحة الإنسان

تحتوي الحياة على الأرض على مصادر طبيعية للضوء عن طريق الشمس والقمر. وهذه المصادر تعمل كساعة داخلية تتبعها أجسادنا وتتحكم فيها مصادر الضوء من حولنا. حيث تنتج أجسامنا هرمون الميلاتونين نتيجة لهذه الدورة الطبيعية وهو أمر ضروري لصحتنا العامة. ولكن الضوء الصناعي الزائد في الليل يعطل هذه العملية ويوقف إنتاج الميلاتونين ويؤثر سلبًا على صحة الإنسان، ولذلك ينصح الاطباء دائمًا بالنوم في الظلام. وبعض هذه المخاطر:

  • اضطرابات النوم.
  • داء السكري.
  • ضعف جهاز المناعة.
  • السمنة.
  • الكآبة.
  • أنواع معينة من السرطان.

الحياة البرية

كما يعتمد البشر كثيرًا على دورة الليل والنهار، فإن النظم البيئية المختلفة تعتمد أيضًا على هذه الدورة للتكاثر والتغذية والنوم والحماية من الحيوانات المفترسة. وتوجد العديد من الأمثلة على الاضطرابات في الطبيعة، مثل: الطيور المهاجرة، صغار السلاحف، وانخفاض أعداد الحشرات نتيجة جذب الضوء أيضًا وجميعها تؤثر سلبًا على توازن الطبيعة.

الضوء الاصطناعي المفرط يؤثر على كلًا من:

  • يؤثر على الحياة البرية الليلية التي تنشط أثناء الليل، حيث يقول بعض العلماء أن إدخال الضوء الاصطناعي هو أعنف تغيير قام به البشر على بيئتهم.
  • تغيير تفاعلات المفترس والفريسة.
  • تغيير تفاعلات الأنواع.
  • الخلط بين الملاحة الحيوانية.
  • يؤثر على فسيولوجيا النبات والحيوان.

استهلاك الطاقة

الاستخدام غير الضروري للموارد هو مضيعة للطاقة والمواد، بما في ذلك استخدام الكثير من الإضاءة أو مناطق الإضاءة حيث لا تكون هناك حاجة إليها. كما يطلق الضوء الصناعي ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. 

اقرأ أيضًا:

ولذلك يجب اتخاذ بعض خيارات إضاءة أفضل لتقليل الطاقة المهدرة وانبعاثات الكربون في الجو. وهذا سيوفر الكثير من المال، كما يسمح لنا بالاستمتاع والتمتع برؤية سماء الليل مرصعة بآلاف النجوم والسدم.

كيفية تقليل التلوث الضوئي

توجد عدة طرق يمكن من خلالها اتخاذ إجراءات ضد التلوث الضوئي من أجل تقليل المخاطر على النظم البيئية وصحة الإنسان وحماية سماء الليل.

  • ابدأ بتقييم الإضاءة على الممتلكات الخاصة بك، وحاول معرفة ما إذا كان هناك تحسينات يمكنك إجراؤها على الإضاءة الخاصة بك.
  • قم بتقليل شدة الإضاءة واستخدم الحد الأدنى من الشدة.
  • اضبط اتجاه الإضاءة الخاصة بك مع التأكد من وضع الإضاءة لأسفل وإضاءة المنطقة التي تريد إضاءة فقط.
  • ضع في اعتبارك تركيب أجهزة ضبط الوقت على الأضواء أو استخدام مستشعرات الحركة لاستخدام الأضواء عند الحاجة إليها فقط.
  • استخدم الإضاءة الكهرمانية فوق الضوء الأبيض الذي يساهم بشكل أكبر في وهج السماء والمخاطر الصحية.
  • استخدم إضاءة صديقة للسماء المظلمة في منزلك.
  • تحدث مع أصدقائك وجيرانك وتوعيتهم حول أهمية الحد من التلوث الضوئي.

أسبوع السماء المظلمة الدولي

تستضيف الرابطة الدولية للسماء المظلمة أسبوع السماء المظلمة الدولي خلال شهر أبريل للمساعدة في زيادة الوعي حول التلوث الضوئي. كما يوجد اليوم العالمي للأرض والذي يُطلب من الأشخاص حول العالم إطفاء جميع الأنوار الصناعية لاعطاء الأرض فرصة صحية للتنفس.

المصدر

Mai Hesham

ماجستير في الكيمياء غير العضوية، ودبلوم التغذية العلاجية، مهتمة بالفلك والفضاء.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى