اقتصاد ماليالمال والأعمالمال واقتصاد

المضاربة التجارية؛ تعريفها وأنواعها وشروطها وحكمها في الإسلام

ما هي المضاربة التجارية؟ قد يكون لكلمة المضاربة معانٍ عديدة، ولكن يغلب عند استخدامها في سياق التجارة والمال والتداول معنى شائع للغاية، وهو عملية إجراء صفقة تجارية تنطوي على إمكانية تحقيق ربح كبير أو حدوث خسارة فادحة، ولكن ما هو معنى المضاربة وما هي أنواعها وشروطها وما هو حكمها في الإسلام؟

المضاربة التجارية وتعريف المضاربة

المضاربة التجارية
المضاربة التجارية

تتعدد التعريفات الخاصة بالمضاربة المالية والمضاربة التجارية، وتختلف حسب التعريف اللغوي أو الديني أو الاقتصادي.

تعريف المضاربة لغة واصطلاحًا

المضاربة التجارية أو المضاربة لغة مشتقة من فعل ضرب في الأرض أي سعى طلبًا للرزق. والكلمة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة، وضارب له، أي اتّجر في ماله وشاركه فيه.

والمضارب هو العامل الذي يتولى عملية استثمار المال وعمل الصفقات التجارية لكسب الربح وتنمية المال. وقد يكون المضارب شخصاً واحداً أو أكثر من شخص معًا. وتقوم المصارف الإسلامية بنوع من المضاربة التجارية، حيث تستقبل الودائع بصفتها مضارب، ثم تقوم بتمويل التجار والصناع والمقترضين بالأموال لاستثمارها وتحقيق الربح. كما تنتشر المضاربة التجارية في الأسواق المالية أو البورصة حيث يتم التداول على الأموال وشراء الأسهم وعقد الصفقات التجارية ثم إعادة بيعها بغرض الربح.

المضاربة في الإسلام ومعنى المضاربة في التجارة

فيما يخص المضاربة التجارية في الإسلام، فقد عرف ابن قدامة رحمه الله المضاربة اصطلاحا بقوله: “أن يدفع رجل ماله إلى آخر يتّجر له فيه على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه. وقد ثبتت مشروعيتها بالإجماع”. وقد كانت المضاربة موجودة ومعروفة عند العرب في الجاهلية بين أهل قريش؛ فكانوا يعطون المال مضاربة لمن يتّجر به مقابل جزء متفق عليه من الربح. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم تاجر بمال خديجة قبل البعثة النبوية مضاربة. وقد وضع الفقهاء شروط وأحكام يلزم توافرها ليكون عقد المضاربة عقد جائز.

عقد المضاربة في الفقه الإسلامي وأركان المضاربة التجارية

نتناول في إطار حديثنا عن المضاربة التجارية، عقد المضاربة وشروط صحته. يقوم عقد المضاربة على ثلاثة أركان أساسية هي:

  • الصيغة: وهي صيغة العقد التي توثق الإيجاب والقبول والإتفاق على عملية المضاربة التجارية والالفاظ التي تدل عليها كالمقارضة والمعاملة وما إلى ذلك.
  • العاقدان: وهما صاحب المال والعامل أو الشريك الذي سيقوم بالتجارة والمضاربة ويسمى (المضارب).
  • المعقود عليه: وهو ما تم الإتفاق عليه في عقد المضاربة من المال والعمل والربح. ويتم توزيع الربح حسب ما تم الاتفاق عليه كنسبة مئوية من أرباح المال وليس من أصل المال. أما الخسارة فيتحملها المالك إذا لم يتم الاتفاق على غير ذلك.

وقد اختلف الفقهاء في جعل عقد المضاربة لمدة محددة. يرى المالكية والشافعية والحنابلة أن ذلك يفسد العقد، فلا يتم تحديد توقيت للمضاربة؛ لأن اشتراك المدة يبطل العقود. أما الحنفية والحنابلة في المعتمد فيرون صحة تحديد المدة وأن ذلك لا يفسد العقد؛ لأن المضاربة توكيل يحتمل التخصيص بوقت محدد.

شروط المضاربة ومتى يكون عقد المضاربة عقد جائز

تنقسم شروط المضاربة التجارية حسب أركانها كما يلي:

  • شروط العاقدين (صاحب المال والمضارب): أهلية صاحب المال والمضارب. ويمكن أن تكون المضاربة بين المسلم وغير المسلم فيما أباحته الشريعة الإسلامية.
  • شروط رأس المال: أن يكون رأس المال من النقود الرائجة، وذلك عند جمهور الفقهاء. فلا تصح المضاربة بالعروض أو السلع حيث لا يمكن هنا تحديد الربح بصورة محددة ودقيقة. لكن يمكن أن يأخذ المضارب السلع من صاحب المال ويبيعها ويعمل بثمنها مضاربة. وهذا الرأي سائد عند جمهور الفقهاء بخلاف الشافعية. كما يجب أن يكون رأس المال معلوم المقدار: وإلا فسد عقد المضاربة. ويجب أن يكون رأس المال معيناً حاضراً عند التصرف، حيث يتم تسليمه إلى المضارب أو العامل ليتمكن من التصرف به، وليس دين مؤجل في ذمة صاحب المال.
  • شروط الربح: وتشمل ما يلي:
    • أن يكون الربح محدد ومعلوم المقدار ومتفق عليه.
    • أن يكون الربح جزءاً مشاعاً، أي يتم تحديد الربح بمقدار النصف أو الثلث أو الربع من الربح الناتج. ولا يكون الربح محدد بعدد محدد مسبقا، مثل عشرة آلاف مثلاً؛ فذلك يفسد العقد. وبناء على ذلك يقول الفقهاء بتحريم ما تدفعه المصارف أو البنوك الإستثمارية من فوائد على الودائع كنسبة مقطوعة، مثل تحديد مقدار فائدة 10% مثلاً من رأس المال.
    • أن يتم تقسيم الربح بين صاحب المال والمضارب، فلو كان هناك شرط في المضاربة كون الربح كله لصاحب المال أو للعامل أو المضارب فسد العقد عند الشافعية في المعتمد والحنابلة. بينما أجاز الحنفية والمالكية صحة العقد واعتبروه إبضاعاً إذا ذهب الربح كله لصاحب المال، وقرض حسن إذا ذهب الربح كله للعامل أو المضارب. والمقصود بالإبضاع هنا هو إعطاء المال لمن يتاجر به تبرعاً منه دون أخذ أي مقابل لذلك.

المضاربة التجارية وعقد المضاربة في القانون

المضاربة التجارية هي اتفاق بين طرفين يشارك أحدهما فيه بماله ويشارك الآخر بجهده وعمله في الاتجار بهذا المال. يتم تقسيم الربح بينهما على حسب ما يتفقان عليه من النصف أو الثلث أو الربع من الأرباح. إذا خسر المضارب سواء كان شخص أو شركة، فإن الخسارة تكون على صاحب المال وحده ولا يتحمل المضارب شيئاً منها مقابل ضياع جهده وعمله.

يجب أن يلتزم المضارب بما يضعه صاحب المال من شروط يتم مراعاتها. إذا تجاوز المضارب في تصرفه الحدود والشروط الموضوعة له، فالربح هنا على ما تم الإتفاق عليه بين الشركاء والخسارة على المضارب وحده.

اقرأ أيضاً:

تعريف المضاربة في الاقتصاد الحديث والمضاربة في البورصة

المضاربة التجارية
المضاربة التجارية

وفي إطار حديثنا عن المضاربة التجارية، نتناول بالحديث تعريف المضاربة في الإقتصاد، حيث تمثل نوع من التداول الحديث يقدم الكثير من الفرص لتحقيق المال بصورة سريعة.المضاربة في الإقتصاد والمضاربة في البورصة هي القيام بتداولات سريعة لتحقيق أرباح قد تكون صغيرة أو كبيرة. تتم المضاربة من خلال وسيط جيد، والذي يقوم بتنفيذ عمليات التداول أو عمليات الشراء والبيع بشكل سريع حسب حركة السوق.

تختلف المضاربة في البورصة اختلافاً جذرياً عن المضاربة التجارية في اصطلاح الفقهاء. تتم المضاربة في البورصة على أساس المضاربة أو المسابقة على البيع والشراء بغرض تحقيق مكاسب كبيرة من فروق الأسعار دون أن يكون المضارب مالك للسلع. المضاربة هنا هي عملية بيع وشراء صورية، بمعنى أن عملية البيع والشراء تكون على الأوراق المالية الممثلة للسلع، والتي تنتقل من ملكية شخص إلى ملكية شخص آخر دون تسلم السلع أو قبض الأموال، بل فقط الإستفادة من فروق الأسعار.تعتمد فروق الأسعار هنا على عملية التنبؤ التي تكون محاطة بنوع من المقامرة والمخاطرة واحتمال الضرر المصاحب لعمليات الشراء والبيع الصورية، وليس على نشاط استثماري فعلي يقوم به المضارب.

وختاماً فإن المضاربة التجارية هي أداة استثمارية هامة تعتمد على المشاركة والتعاون المشروع بين صاحب المال والمضارب، سواء كان شخصاً أو مؤسسة مالية، مثل المضاربة في المصارف الإسلامية أو في البنوك الإستثمارية. ولكن المضاربة بشكل عام قد تنطوي على العديد من المخاطر الكبيرة، وخاصة المضاربة في البورصة والأسواق المالية.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى