إسلامثقافة إسلاميةرسل وأنبياءقصص دينيةقصص وحكايات

قصة سيدنا يوسف عليه السلام (الكريم بن الكريم) الجزء الأول

نتحدث في مقالنا اليوم عن قصة سيدنا يوسف عليه السلام، وهي قصة نتعلم منها الكثير من العبر والعظات، وأفضل ما نتعلمه منها هو أن الصبر، مهما طال، فإن الله عز وجل يجزي صاحبه كل ما يتمناه في الدنيا ويعوضه أفضل وأفضل من أمانيه.

قال رسول صلى اللّه عليه وسلم:

إن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله.

رواه البخاري.

اختلفت قصة سيدنا يوسف عليه السلام عن قصص بقية الأنبياء، حيث ذكرت فى سورة كاملة واحدة وسميت السورة بسورة يوسف.

وتسمى قصة يوسف بأحسن القصص، قال تعالى في سورة يوسف:

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصَ بمَا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وإن كنت من قبله لمن الغافلين

الآية ٣ سورة يوسف

الفصل الأول: طفولة يوسف عليه السلام

في يوم من الأيام رأى سيدنا يوسف رؤيا في منامه، وذهب إلى أبيه يعقوب عليه السلام يخبره بها. فقال له بأنه رأى: أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ساجدين ليوسف.

وعلم سيدنا يعقوب عليه السلام بحدسه وعلمه الذي أنعمه الله عليه، أن هذه الرؤية تشير أن يوسف سيكون له شأن عظيم. ولذا نصحه سيدنا يعقوب بألا يقص هذه الرؤية على إخوته.

وافق يوسف على طلب أبيه، ولم يخبره أخوته بما رأى. ولكن إخوة يوسف كانوا يشعرون بالغيرة من حب والدهم الشديد ليوسف وأخوه.

إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ

الآية الثامنة من سورة يوسف

اقرأ أيضًا:

اجتماع إخوة يوسف

واجتمع أخوة يوسف معًا يفكرون ماذا يفعلون مع يوسف وحب أباهم له. فاقترح أحدهم حلاً وقال لهم:

(اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا).

ليموت يوسف وينسى أبوهم حبه وتعلقه الشديد بيوسف، ثم يقومون بالتوبة بعد فعلتهم هذه.

(وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).

وقال أحد إخوة يوسف:

لا تقتلوا يوسف وألقوه في بئر واتركوه يأخذه بعض السيارة (القوافل التي تسير)

نصحهم بعدم قتل يوسف بل يرمونه في البئر، وتأخذه أحد القوافل التي تسير معهم. ووافق إخوة يوسف على هذا الاختيار.

وذهب أخوة يوسف إلى أبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بالذهاب معهم. ولكن خاف سيدنا يعقوب من هذا الأمر.

فقالوا له:

مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ؟ نحن نحبه وسوف نكون له ناصحين ونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يلعب ويمرح.

فقال لهم أبيهم يعقوب عليه السلام أنه يخاف على يوسف من الذئاب، وقال بعض المفسرين أن سيدنا يعقوب أعطاهم حجة الذئب بدون أن يدري:

قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ.

الآية ٩ سورة يوسف

فأخبروه بعدم الخوف على يوسف ولن يتركوا الذئب يقترب من يوسف، ولو حدث هذا فهم من الخاسرين. وافق يعقوب تحت ضغط أبنائه.

قصة سيدنا يوسف

الذئب

فخرج الأخوة ومعهم يوسف، واتفقوا على الخطة وأخذوه للصحراء. وألقوه في البئر وذهبوا وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا يخاف. وذهبوا مساءًا إلى أبيهم يبكون ويخبرونه عن الذئب الذي قتل يوسف.

فقالوا له:

أنهم ذهبوا يستبقون، وتركوا يوسف عند الحقائب و جاء ذئب على غفلة، وأكله.

ثم أعطوه قميص يوسف وعليه دم، ليتأكد أباهم من موت يوسف ليقنعوه.

وقالوا له: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)

أي أنه يشك فيهم حتى لو قالوا الصدق. ولكن لم يصدقهم نبينا يعقوب، وقال لهم:

قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ

بقى يوسف فى البئر وحيداً، وبعد فترة مرت قافلة على البئر وهي ذاهبة إلى مصر. ثم توقفت القافلة قليلاً لشرب بعض الماء، فأرسلوا أحدهم إلى البئر فأدلى الدلو فيه فتعلق به يوسف.

وعندما سحبوا الدلو، رأى غلامًا متعلقًا بالدلو وفرحوا كثيراً لرؤية الغلام. وعند وصولهم إلى مصر، باعوا يوسف بدراهم معدودة لرجل آخر.

وانتهى الفصل الأول في حياة نبينا يوسف عليه السلام عند وصوله إلى مصر.

الفصل الثاني: مصر

قال تعالى:

(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).

هل كان يدرك يوسف أنه بعد إلقائه في البئر وحرمانه من أبيه وإخوته، أنه سيصبح ذو شأن عظيم في مصر. تدبير الله لنا كله خير، إن الله رحيم على عباده أكثر مما نتصور. ما كتبه الله لنا هو الخير.

وألقى الله محبة يوسف في قلب صاحبه الذي اشتراه. فقال لزوجته:

أكرمي مثواه، عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا.

وكان هذا الرجل وزير من وزراء الملك، وذكر اسمه في القرآن “العزيز”، وقال بعض المفسرين أنه كان رئيس وزراء مصر. وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض، ليتربى في بيت رجل يتعلم الكتاب والحكمة، ورزقه الله بنعمة تأويل الأحاديث والرؤى.

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.

الآية 22 من سورة يوسف

أنعم الله عز وجل على يوسف بجمال الوجه وحسن الأخلاق. وقال بعض العلماء أن الله وزع الجمال نصفه على سيدنا يوسف والنصف الآخر وزعه الله على جميع البشر.

وأدرك الرجل أن يوسف يحمل بعض الصفات النبيلة، فكان يوسف يتميز بالأمانة والاستقامة والشهامة والكرم. لذلك كان يعامل يوسف كابنه وجعله مسؤولاً عن بيته.

وهكذا تعلم يوسف ما يلزمه ليصبح ذو شأنِِ عظيم. امتحنه الله ليرزقه النعم والمنح.

وتابع معنا قراءة الجزء الثاني من قصة سيدنا يوسف من هذا المقال.

المصدر

  • كتب ابن كثير للتفسير.

Mai Hesham

ماجستير في الكيمياء غير العضوية، ودبلوم التغذية العلاجية، مهتمة بالفلك والفضاء.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى