شخصيات تاريخية

المجاهد العربي عمر المختار Omar Almukhtar

من هو عمر المختار

هو عُمر بن مختار بن عُمر المنفي المُلقَّب ب(أسد الصّحراء)، وُلِد في البطنان بالجبل الأخضر في بُرقة عام 1275 للهجرة، وهو من بيت فرحات من قبيلة منفة، وقد عاش عُمر المُختار يتيماً؛ حيث مات والده عندما كان المُختار صغيراً، وقد تولَّى رعاية عمر، وأخوه محمد صديق والدهم الشّيخ (حسين الغرياني) وأدخلهم مدرسة في الزاوية للقرآن الكريم، ثمّ أرسل عُمر إلى المعهد الجغبوبي، وكان يتمتَّع بالنبوغ مُنذ صباه؛ لذلك فقد اهتمّ به شُيوخه في المعهد، ومن بينهم العلّامة (فالح بن محمد الظاهريّ)، والسّيد (الزروالي المغربيّ).

اشتهر عُمر المُختار بجدِّيته، وحَزْمه، وصَبْره، بالإضافة إلى استقامته، وهذا ما لَفَت أنظار زملائه، وأساتذته إليه، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه الصفات جعلته يمضي قُدماً في العِلم، والمعرفة؛ فأصبح المُختار على دِراية بشؤون البيئة المُحيطة به، والأحداث القبليّة، وكذلك كان على عِلم بالأنساب، والروابط التي تربط فيما بين القبائل، وبدراسته أصبح المُختار ذا خِبرة بمسالك الصحراء، وطرقها، كما أنَّه كان على دِراية بأنواع النباتات في بُرقة، وخصائصها، وكذلك كان عارفاً بأمراض الماشية، وطريقة عِلاجها.

جهاد عمر المختار Omar Mukhtar

في عام 1911م اندلعت الحرب بين ليبيا، وإيطاليا، وكان المُختار في واحة جالو في ذلك الوقت، وما أن سَمِع عن اندلاع الحرب إلّا وعاد مُسرِعاً نحو زاوية القُصور؛ لتجنيد من هو أهلٌ للجهاد ضِدَّ المُحتلّ الإيطاليّ، وما أن أَعلن عُمر أمر التجنيد حتى التفَّ حوله أكثر من ألف مُجاهِد، وتحرَّك عُمر وجنوده نحو مُعسكَر المُجاهدين الذين كانوا في انتظاره فرحين، وقد دارت مَعارِك مع العدوّ في الليل، والنهار، وكانت غَنائِم المُجاهدين كثيرة جدّاً.

اعتمد المُختار في جهاده على الكرّ، والفرّ، وكانت حربه ضِدَّ العدوّ حرب عصابات؛ فهم لا يمتلكون عتاداً يُماثِل عتاد العدوّ، ولم يكونوا جيشاً نظاميّاً، وقد كان المُختار يعتمد طريقة صحابة النبيّ -عليه السلام- في تقسيم الجيوش؛ حيث كانوا يُقسِّمون الجيش إلى مجموعات بناءاً على انتماءاتهم القبليّة، أمّا طريقة تعامُل المُختار مع الجُنود فقد كانت مُشابِهة للنظام العسكريّ العُثمانيّ؛ حيث كانت جُنوده مُقسَّمة إلى رُتَب، كالقائمقام، والكوماندان، واليوزباشي، وكان عُمر المُختار يُرقِّي جُنوده بناءاً على جهودهم، وبطولاتهم في أرض المَعركة، وقد جعل المُختار لجنوده مجلساً أعلى برئاسته، ولهذا المجلس مهمّة استشاريّة لحلِّ المشاكل في الحالات الطارئة.

اعتقال واستشهاد عُمر المُختار

استمرَّ شيخ المجاهدين عُمر المُختار في قِتاله ضِدَّ العدوّ الإيطاليّ في الجبل الأخضر رغم كلّ الصعوبات التي اعترضته، ورجاله، وقد اعتاد عُمر المُختار في كلّ سنة على نَقْل إقامته من مركز إلى آخر؛ لتفقُّد أحوال المُجاهدين، وكان في أثناء ذهابه يعدُّ العدَّة تحسُّباً لأيّ أمر طارئ؛ فقد كان يذهب ومعه حِراسة كافية؛ خوفاً من مباغتة العدوّ لهم، وفي آخر مرَّة انتقل فيها المُختار أخذ معه أربعين حارِساً فقط، وهو عدد أقلّ ممّا كان يأخذه عندما ينتقل من مركز إلى آخر، وفي طريقه مرَّ وجُنوده بوادي (الجُريب)، وهو وادٍ ذو غابات كثيرة، ومسالكه صعبة، فأمر المُختار بالإقامة فيه ليلتَين، إلّا أنَّه لانتشار المُخبرين، وتربُّصهم بعُمر المُختار فقد علِموا مكانه، وأرسلو للعدوُّ؛ حيث طُوِّق المكان بشكلٍ كامل.

كان لا بُدّ من مُجابَهة العدوّ وجهاً لوجه، وهذا ما فعله المُختار؛ حيث دارت معركة حامية في الوادي، واستطاع المُجاهدون قتل عدد كبير من جيش العدوّ الإيطاليّ، وقد استُشهِد العديد من المُجاهدين، وأُصيب المُختار في يده، أمّا فرسَه فقد أُصيب بضربة قتلته، ووقع، وعَلِقت يد المُختار تحت الفرس؛ فلم يستطع إخراجها، وحاول المُجاهدون مُساعدة المُختار إلاّ أنَّ رصاص العدوّ كان لهم بالمرصاد، واستطاع العدوّ اعتقال شيخ المجاهدين عُمر المُختار، ولم يكونوا على دِراية بشخصيّته، إلّا أنَّ أحد الخَونة قد عرفه، وبشكلٍ سريع أُرسِل المُختار إلى ميناء سوسة، وهو مُحاط بعدد كبير من الجُنود، وأُخذَت كافّة التدابير؛ لحراسة كافّة الطرق التي تُؤدّي إلى سوسة، ثمّ نُقِل المُختار إلى بنغازي.

أُصدِر حُكم بإعدام شيخ المجاهدين عُمر المُختار، وأن يُنفَّذ الحُكم في بلدة سلوق في بنغازي، وذلك في يوم الأربعاء السادس عشر من سبتمبر من عام 1931م، وأُحضِر أسد الجبل الأخضر في الصباح لتنفيذ حُكم الإعدام، وكان مُكبَّل الأيدي مُبتسِماً، ومُقتنِعاً بقدر الله، وقضائه، وقيل إنَّه كان يُؤذِّن آذان الصلاة، وهو على منصَّة الإعدام، وقيل أيضاً إنَّه كان يتلو الآية الكريمة: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ*ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)،

شهادات في حقِّ عُمر المُختار

لقد كان لعُمر المُختار نصيبٌ وافرٌ من ثناء أصدقائه، وبعض أعدائه الذين أُعجبوا بشخصيّته، ومقدرته على الصمود، والجهاد وهو في عُمر كبير؛ حيث كان قد قارب السبعين سنة من عُمره، ومن هذه الشهادات التي أثنى فيها كلُّ من قابل المُختار ما يأتي:

  • الجنرال غراتسياني، وهو أحد مُحاربي عُمر المُختار، إلّا أنَّه كان ممَّن شَهِد للمُختار بإخلاصه، وصدقه في الدفاع عن الحقّ، ومُجابهة العدوّ، وقد ذَكَر أنَّ عُمر كان مُؤمناً بوطنه، وقضيّته، وكان كرئيسٍ عربيّ له أتباعه، ومُحبّيه في مُختلَف المناطق، كما أنَّه كان مُتديّناً، ومُثقّفاً، وصابراً على الشدائد.
  • روبرتو لونتانو، وهو الذي انتُدِب للدفاع عن عُمر المُختار بعد أَسْره؛ فقد ذَكَر أنَّ عُمر يُدافع عن وطنه، وهو حقٌّ مَشروع له.
  • صحيفة التايمز البريطانيّة، حيث تحدَّثت عن عُمر المُختار في سِياق مقال نُشِر عن نَصْر إيطاليا، وإعدام عُمر المُختار، وقد وصفته بالرجُل الرهيب الذي أصبح محلَّ إعجاب الجميع؛ لإخلاصه الدينيّ، وحماسته، وشجاعته.

صفات عمر المختار

اتصف عمر المختار بعدد من الصفات، وهي كالآتي:

  • ذو قامة متوسطة، ويميل قليلاً إلى الطول.
  • ليس بالبدين الممتلئ، وليس بالنحيف.
  • صوته أجش.
  • بدويّ اللهجة.
  • ذو منطق قوي.
  • صريح العبارة.
  • لا يُملّ من حديثه ولا من مُجالسته.
  • مُتزن الكلام.
  • كثيف اللحية.
  • وقور وجديّ في عمله.
  • عاقل الكلام، وثابت على مبادئه.
  • ملاحظة: تعززت صفات عمر بن المختار، وتقدمت معه مع تقدمه في العمر.

إعدام عمر المختار

تمَّ إعدام شيخ المجاهدين عمر المختار، ونُفذ الحكم في منطقة سلوق الواقعة في جنوب مدينة بنغازي، وأُعدم عمر المختار شنقاً بعد جهاد طويل ومرير ضد المحتل الإيطالي، حتّى غدا شهيداً في عداد شهداء التاريخ.

موضع دفن عمر المختار

لا بدَّ من الإشارة إلى حقيقة مفادها أنَّ موضع دفن جثمان البطل عمر المختار أمراً لا يزال مجهولاً إلى الآن، فعلى الرغم من إعدامه أمام جمهرة من الناس؛ إلّا أنَّ مكان قبره لا يعلم عنه أحد، وعمر المختار أحد الشخصيات السياسيّة الليبيّة، ومن ألقابه شيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، وتميّز بحبه وعشقه لأرض وطنه، وأخذ يُدافع عنها حتّى تمَّ إعدامه.

Muhamed Radwan

Senior server admin, Web developer

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى