الحميات الغذائيةتغذية

تعرف على الصيام المتقطع وعلاقته بالتخلص من السموم

لابد أنك سمعت بنظام الالتهام الذاتي و الصيام المتقطع وحمية الكيتو ولا بد أنك تتساءل عن ماهية هذه المصطلحات والغاية منها وكيفية القيام بها. لقد تحدثنا في مقالات سابقة عن الكيتو دايت ونستكمل حديثنا في هذا المقال عن مفهوم الالتهام الذاتي والصيام المتقطع والتي تعتبر بدورها مرتبطة إلى حد كما بالكيتو دايت وآلية عمله. وذلك وفق الدكتور إيريك بيرج.

بدايات اكتشاف الالتهام الذاتي

أول من اكتشف آلية هذه الحالة هو عالم الكيمياء الحيوية البلجيكي كريستيان دو دوف عام 1963، وقد أجرى الدكتور يوشينوري أوسومي وهو عالم أحياء ياباني العديد من الأبحاث في هذا المجال وأحدث نقلة نوعية في هذا المجال، وقد حصل على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء بسبب أبحاثه وتجاربه في آليات هذه العملية عام 2016، وقد جاءت تسمية هذه الكلمة من الكلمة اليونانية autophagy المركبة من الكلمتين auto و phagien وتعني الالتهام الذاتي.

يوشينوري أوسومي - جائزة نوبل
يوشينوري أوسومي – حاصل على جائزة نوبل لأكتشافه ميكانيكية تجويع الجسم فى الصيام المتقطع

وقد نال عالم الكيمياء الحيوية البلجيكي الدكتور كريستيان دي دوف عن اكتشافه جائزة نوبل في الطب عام 1974، حيث بدأ في الستينات دراسة بعض أنسجة الكبد ووجد شيئاً مثيراً للاهتمام، إذ لاحظ أن الخلايا تحتوي على أجسام خاصة لإعادة التدوير وفي وقت لاحق تم تسميتها الأجسام الحالة.

تقوم هذه الأجسام بدور المعدة في الكبد فهي تحوي على أنزيمات هاضمة خاصة، وبمساعدة هذه الأنزيمات تلتهم الأجسام الحالة الأنسجة البالية أو التالفة وجسيمات الطعام والبكتريا والفيروسات وغيرها من الفضلات التي تتراكم في الخلايا.  

ما هو الالتهام الذاتي؟

هو حالة تحدث في الجسم عندما تذهب جميع الأشياء التي لم يعد الجسم بحاجة إليها لإعادة التدوير.

لتخرج بعد ذلك أحماضاً أمينية جديدة يوظفها الجسم كطاقة وكمواد أولية لبناء الأنسجة لأن جزءاً كبيراً من الجسم عبارة عن أحماض أمينية (بروتين).

لماذا يحدث هذا في جسمنا؟

حسنا إنه لسبب واحد وهو كي نتكيف مع الشعور بالجوع الشديد (المجاعة). حدوث المجاعة ينافي قدرتنا على العيش لأن الإنسان لا يصمد طويلاً أمام المجاعة.

تحدث هذه العملية على مر العصور، ليس في جسم الإنسان فقط وإنما لدى الكائنات الحية الأخرى أيضاً كي تتكيف مع المجاعة وعدم تناول الطعام بمثابة آلية نجاة.

الجسم يقوم بتحويل هذا البروتين التالف الذي لم يعد الجسم بحاجة إليه إلى وقود ومواد أولية كي يضمن عدم وجود أي نقص في بنية معينة. كما أن هناك شيئاً آخر مثير للاهتمام عن هذا البروتين التالف وهو أنه شديد السمية للجسم وهو السبب وراء الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري والزهايمر وباركنسون، ومن الجيد فعلا التخلص منه خارج الجسم.

من شأن الالتهام الذاتي أيضاً القضاء على الميكروبات والفيروسات. لأن المشكلة فيها تكمن في أننا لا نستطيع قتل الفيروس ولكن يشكل الالتهام الذاتي إحدى طرق التخلص منها خارج الجسم.

هل نحتاج لتناول البروتين الحيواني لبناء خلايا جديدة؟

تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لا يتناولون بروتيناً حيوانياً يملكون نفس القدر من البروتينات والكربوهيدرات في جهازه الهضمي كما لو أنه يتناول البروتين الحيواني.

وتفسير هذه الحالة هو أنه يمكن للجسم أن يستخدم بروتينه الخاص الموجود في خلاياه الميتة والمتهالكة وفي البكتيريا والذي قد سبق تخزينه.

يحتاج جسمك كل يوم إلى استبدال أكثر من 7-10 أوقيات من البروتين، بينما يستهلك الشخص العادي حوالي 2,5 أوقية من البروتين يوميا وهذا غير كاف لبناء خلايا جديدة وهنا يأتي دور عملية الالتهام الذاتي.

إذا كانت عملية الالتهام الذاتي لا تمشي بشكل صحيح فقد يصاب الشخص بمرض السكري من النوع الثاني، مرض باركنسون، وبعض الأمراض المرتبطة بالشيخوخة، والسرطان حتى.

فإذا لم تنجح آلية إعادة التدوير الطبيعية ستتراكم الخلايا التالفة وأجزاؤها في الجسم، وينتهي بها الأمر غير قادرة على تحييد الخلايا السرطانية وتلك المصابة بفيروسات وبكتريا خطيرة، مما يعرضك لأمراض خطيرة.

ماهو البروتين التالف؟

لنتحدث أولاً عن “طي البروتين الخاطئ” ولفهم هذا علي أن أشرح قليلاً عن الحمض النووي. إن الحمض النووي بشكل عام هو مخطط الشفرة الوراثية لصنع البروتين عند نسخ الحمض النووي إلى ما يسمى الحمض النووي الريبي وهو الصيغة التي تخرج من الحصن الأكثر حماية الذي يسمى النواة إلى المساحة خارجها ضمن الخلية إلى مصانع البروتين وتسمى الريبوسوم.

يُعطى مخطط الشفرة الوراثية إلى هذا المصنع الصغير ليتم صنع البروتين ويفرز بعدها هذه السلسلة من الحموض الأمينية في تسلسل معين.

وبعد ذلك تبدأ بالطي وتأخذ أشكالاً معينة وغريبة فهذا ما يبدو عليه البروتين ليصبح فاعلاً. أما البروتين المطوي هو بروتين ناشط ثلاثي الأبعاد، وأنا لا أقصد هنا الشعر والأظافر والبشرة فحسب وإنما كذلك الأنزيمات التي تساعد على الهضم والهرمونات والبروتينات التي تساعد على إزالة السموم وهكذا فإن وظائفها كثيرة في الجسم.

ولكن عندما يأخذ البروتين شكلاً خاطئاً أثناء عملية الطي فإنه يتوقف عن العمل ويتكدس في الجسم ويمكن أن يتحول لما يسمى تكدس لويحات اميلويد.

وهو ما يوجد في خلايا البنكرياس التي تصنع الأنسولين لمرضى السكري النمط الثاني وفي الدماغ لدى مرضى الزهايمر والمشكلة هي أنه يظل عالقاً ويعيق أداء الوظائف، ولكن الالتهام الذاتي يمكنه أن يتخلص من هذا، وبالمناسبة فنحن بحاجة إلى الزنك أيضاً للمساعدة في القضاء على هذا البروتين (البروتين ذو الطي الخاطئ) Mis Folded proteins وهو أحد أنواع البروتين التالفة.

هناك أيضاً البروتين المؤكسد فعندما يندمج أي شيء مع الكثير من الأكسجين يمكن أن يتحول بطريقة معينة، كالحديد مثلاً لدى تعريضه للأكسجين يتحول إلى الصدأ تخيلوا أن الأوكسجين يمكن أن يتسبب في صدأ البروتين فلا يعمل مجدداً.

ولكن باستطاعة الجسم إعادة تدويره، هناك أيضاً البروتين المتحورmutated proteins  الذي يتغير بفعل الأدوية أو الإشعاع أو ما شابهه وعند توقفه عن العمل يمكن إعادة تدويره.

لدينا أيضاً ما يسمى بالبروتين المغلكز glycated proteins أي عندما يندمج السكر مع البروتين فيتغير ليصبح لزجاً شديد الضرر وقد يتسبب في حدوث تجلطات. ويتطور ليشكل ما يسمى الناتج النهائي المتقدم للغلكزة، والذي يسبب حدوث تجلطات قد تؤثر على العين وعدستها ويسبب مرض الساد (الماء الأبيض) والمذهل أن الالتهام الذاتي يظهر كل هذا.

العوامل التي تتوقف عليها عملية الالتهام الذاتي

يجب أن تعرفوا أن عملية الالتهام الذاتي هذه ليست آلية عمل وتوقف فهي في حالة جريان دائم في الجسم، حسناً، ربما ليس دائماً فعند وجود مستويات عالية من السكر في الجسم تتعطل هذه العملية وكذلك عند وجود حالة من الالتهاب الحاد تتعطل أيضاً، ولكن عند أغلب الأشخاص هناك نوع من إعادة التدوير يجري في أجسامهم خصوصاً حال اتباع حمية الكيتو أو ممارسة التمارين، وقطعاً عند الصيام وكلما كان الصيام أطول فإن الآثار ستكون هائلة فيما يخص الالتهام الذاتي.

فقد وجد الدكتور أوسومي أن الالتهام الذاتي يصبح أكثر نشاطاً عند تعرض الجسم للإجهاد وقد يكون هذا الإجهاد على شكل صيام أو تقليل السعرات الحرارية أو حتى التجويع. في هذه الحالة تبدأ الخلايا باستخدام فضلات الخلايا، بما في ذلك البكتريا الممرضة لإنتاج الطاقة وبناء خلايا جديدة.

سيعمل جسمك بجد لاستعادة البروتين وفي الوقت نفسه سينظف نفسه. في جميع دراساته استخدم الدكتور أوسومي التجويع والصيام لتشجيع الجسم على تحليل الخلايا السامة والتخلص من الفضلات

تبين أن الصيام يجعل خلاياك تعيش لفترة أطول وتنتج طاقة أكبر، سيقل عدد الالتهابات في جسمك. وإلى جانب ذلك إذا قمت بالحد من عدد السعرات الحرارية التي تستهلكها فإن مستويات أكسيد النيتريك في جسمك سوف تزيد، حيث أن أكسيد النيتريك هو المركب الذي يساعد على إزالة السموم وتجديد الجسم.

فوائد و طريقة الصيام المتقطع

يتساءل الكثيرون كم من الوقت عليهم أن يصوموا كي تدخل أجسامهم في هذه العملية.

حسناً، إنها تجري أصلا في الجسم ولكن عندما تصلون إلى معدل 18 ساعة تكون عملية الالتهام الذاتي في مستوى جيد، وعندما تصلون إلى 20 ساعة يرتفع المستوى وهكذا كلما كان أطول إلى أن تصلوا إلى نقطة معينة تثبت عندها.

تشير بعض الدراسات إلى أنها 24 ساعة وبعضها الآخر يشير إلى أنها أكثر بقليل أو أقل بقليل ولكننا لا نعلم بالضبط.

ويعود السبب إلى أن كل  جزء في الجسم يحدث فيه الالتهام الذاتي على حدى فمثلاً هناك نوع يقوم بإعادة التدوير داخل الميتوكندريا وهي مصانع الطاقة في الخلية

وهناك أنواع أخرى في العظام أو الرئة أو الكبد فهي ليست الشيء نفسه كما أنها صعبة التقدير.

ولو كنت مكانكم سأركز على هذه الثلاثة هنا (كيتو، تمارين، صيام) وأحاول الوصول إلى صيام 18 ساعة أو أكثر بقليل. ومع استمرارية التمارين وعند تحسن اللياقة فإن فعالية الالتهام الذاتي تتحسن وتصبح أفضل ممن ابتدأوا تواً.

وفوائدها جمة فهي مضادة للشيخوخة وتتخلص من كل ما هو غير صحي في الجسم أي الأشياء المسببة للأمراض التنكسية، وتساعد على فقد الوزن.

كما أن فوائدها تشمل انخفاض خطر الإصابة بمرض القلب والمشاكل العصبية ومرض السكري، وانخفاض الالتهابات والإجهاد التأكسدي وضغط الدم. علاوة على ذلك يمكن للصيام المتقطع أن يحمي من السرطان.

ما هو الصيام المتقطع

أنواع نظام الصيام المتقطع

صيام 24 ساعة

إذا اخترت هذه الطريقة فعليك اختيار يوم خلال الأسبوع وألا تتناول أي طعام في هذا اليوم، من ناحية أحرى يمكنك تناول وجبة الفطور في ذاك اليوم وليكن يوم الاثنين، يمكنك تناول فطورك يوم الاثنين الساعة 8 وتمتنع عن الطعام حتى يوم الثلاثاء الساعة 8.

الصيام على أيام متناوبة

إذا اخترت هذه الطريقة فعليك تناول الطعام بانتظام في يوم واحد والصيام في اليوم التالي، لكن هذا لا يعني عدم تناولك للطعام في أيام صيامك.

إذا كانت حاجتك من السعرات الحرارية في اليوم العادي يمكنك تقليله في يوم الصيام إلى 500 سعرة. من المثير للاهتمام أن تقليل مجموعة من الناس لاستهلاك السعرات الحرارية بنسبة 20% قاد في خلال 2-6 سنوات إلى تحسن مستويات سكر الدم وضغط الدم والكولسترول لديهم بشكل ملحوظ، كما تمكنوا جميعاً إلى الوصول إلى وزن مناسب.

تخطي الوجبات

إذا كنت جديد على عالم الصيام، ويبدو لك مخيفاً قليلاً، ابدأ بتخطي الوجبات. بشكل عام تخطي وجبة واحدة في اليوم كاف لتحسين عملية الأيض وتحفيز عمليات التطهير في جسمك. لكن تذكر أن تخطيك لوجبة ما لا يعني أن تضاعف وجباتك الأخرى.

الصيام المحدد اليومي

هذا يعني أن تأكل خلال 8 ساعات في اليوم كل يوم من أيام الاسبوع. ولهذا الصيام اسم آخر وهو صيام 16/8  لأنك تتناول طعامك خلال 8 ساعات في اليوم وتصوم ال16 ساعة الباقية. إذا كنت جديد على هذا الصيام، جرب فترة أطول لتناول الطعام، يمكنك تناول وجبة الإفطار الساعة 8 صباحاً والعشاء في الساعة 6 مساء. وعندما تعتاد على هذه الطريقة أكثر يمكنك تقليص فترة الطعام.

صيام الماء

إذا اخترت هذه الطريقة، فعليك اختيار يوم واحد في الأسبوع وأن تشرب فيه الماء أو العصائر الطازجة بدون سكر، أفضل وقت لهذا الصيام هو في الربيع، ولكن يمكنك اتباعه على مدار العام.

يجدر الانتباه إلى أنه إن لم تكن نباتي ستكون فكرة جيد أن تخصص أياماً خالية من البروتين الحيواني من وقت لآخر، تكمن المشكلة في أنه عند حصولك على بروتين خارجي من اللحوم أو الحليب أو الجبن يعني أنه لا دافع للجسم لإعادة تدوير البروتين من الخلايا الميتة، لذلك لا تبدأ عملية الالتهام الذاتي وتجديد الخلايا ويواصل الجسم تسميم نفسه.

لذا إن كنت تماطل في الصيام أو تقليل السعرات الحرورية فمن الضروري تخصيص أيام للصيام عن البروتين الحيواني. شاركنا تجاربك وملاحظاتك في اتباع الحميات والحفاظ على صحتك في التعليقات.    

المصادر

هبة الله الدالي

مهندسة طاقة كهربائية، ومحررة، وكاتبة محتوى إبداعي ومتوافق مع محركات البحث في جميع التخصصات.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
2 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
عبد الله لبوز
عبد الله لبوز
1 سنة

السلام عليكم، في هذا المقال أخطأ منها أنه ليس البروفيسور يوشوري أوسومي هو أول من اكتشف الالتهام الذاتي بل هو عالم الكيمياء الحيوية البلجيكي كريستيان دو دوف سنة 1963.
ثاني خطأ أن الاكتشاف لم يكن سنة 2016 بل كان قبل ذلك بسنوات لأن هذه السنة أخذ أو بالأحرى هي تتويج العالم الياباني بجائزة نوبل نظير اكتشافه آليات الالتهام الذاتي في عملية تدوير الخلايا الميتة والهرمة.

زر الذهاب إلى الأعلى